الرضاعة والفطام ؟
تعتبر عملية الرضاعة عملية إشباع بايولوجي ونفسي في آن واحد . تتضمن هذه العملية إشباع لحاجة الجوع ، إضافة إلى كونها تمثل موقفا اجتماعيا تفاعليا بين الأم والطفل ، لذلك ينبغي إن تكون هذه المواقف مشبعة بالحنان والعطف والدفء والحب والاطمئنان ، وبذلك يخفف من أثر انفصال الوليد عن رحم الأم . كثيرا ما يساعد التلامس بين الأم والطفل على النمو. أثبتت التجارب بان الطفل الذي يفقد التلامس مع الأم تكون لديه الهرمونات قليلة كما ينخفض لديه الايض ( النمو الحياتي ) . أجريت تجربة على الأطفال وذلك بجعلهم يسمعون صوت أمهاتهم ويشمون رائحتها ولكنهم يفتقدون إلى عامل اللمس فالنتيجة كانت إن هؤلاء الأطفال غير سعداء مقارنة بالأطفال الذين كانوا يلمسون أمهاتهم . فالتقبيل والتلامس والحضن يعود على الطفل بالمنافع الكثيرة . على أن لا تكون هناك مبالغة في تلك السلوكيات لان الزيادة كالنقصان فيها ضرر على الطفل .
إن تطور النفس الاجتماعية يبدأ مبكرا في حياة الطفل ، فإشباع حاجات الطفل الرئيسية في هذه المرحلة بما في ذلك حاجات الأمن والراحة والاطمئنان والطعام والشراب ، يؤدي إلى تكوين مظاهر الثقة بالبيئة المحيطة به وبالعالم اجمع . إن عدم إشباع حاجات الطفل ، وتعرضه للإحباط والتهديد والكف ، يولد لدى الطفل الخوف والشك والتهديد وعدم الثقة بالآخرين ، ويكون الطفل بالتالي عديم الثقة بنفسه .
إن رعاية الأم لطفلها عند الرضاعة لها مردودها الإيجابي لدى الطفل . يُلاحظ إن الطفل يمسك بثدي الأم عند الرضاعة ، و ترتخي يده عندما يشبع حاجته . إذا مر الطفل بخبرات سارة خلال عملية الرضاعة ، فإنه يكون اكثر تفاؤلا وقدرة على المنح والعطاء . أما إذا سحبت الأم ثديها قبل إن يشبع فانه يشعر بالتوتر والغضب . يُعتبر هذا الدرس ، أول درس له في الحرمان والإحباط . إذا كان موقف الرضاعة مصدر خبرات مؤلمة كالشعور بالحرمان والغضب وفقدان الثقة فان الطفل يلجأ في مستقبل حياته إلى أساليب غير توافقية مع المجتمع . يعتبر العض ومص الإبهام والإضراب عن الطعام وصعوبات النطق ، نتيجة لما يعانيه الطفل من الإحباط والحرمان في هذه المرحلة .
يحاول الطفل الحصول على كل شيء بأي ثمن كان ، يعتدي على ممتلكات الآخرين من ناحية ويدخر ما يحصل عليه من ناحية أخرى ، ويطلب ما لا يحتاج إليه أحيانا . يرتبط وجود الأم ارتباطا شرطيا بحاجات الطفل البايولوجية والنفسية . يتخذ بقاء الأم إلى جانب الطفل أهمية كبيرة في حياة الطفل ذلك لان الأم أول شخص يتعرف عليه الطفل . يتعرف بعد ذلك على الأب والاخوة والأخوات والأفراد الآخرين المحيطين به . تتخذ أهمية هؤلاء حسب اهتمامهم ورعايتهم لهذا الطفل كلما أحاط أفراد العائلة الطفل باهتمامهم ورعايتهم كلما أدى ذلك إلى سهولة تعرف الطفل عليهم قبل غيرهم ، واخذ من اهتمامه بهم القسط الكبير .
الفطام : لا تقل أهمية الفطام عن الرضاعة في التأثير على نفسية الطفل ، لذلك يجب التمهيد لهذه العملية ، وذلك بالتدريب أولا على قنينة الرضاعة كبديل لثدي الأم . يدرب الطفل بعد ذلك على استعمال الملعقة في تناول طعامه . يستهدف من هذا التدريب التكيف لعملية الفطام . تمر عملية الفطام بعد ذلك اعتيادية وسهلة للطفل وللام وتكون خالية من الاحباطات في المستقبل أما إذا حصل العكس وافطم الطفل بصورة فجائية فان عواقبها ستكون وخيمة بحيث تؤدي إلى بعض الأمراض النفسية في المستقبل يكون مثل هذا الطفل صعب القيادة وعدوانيا …الخ .
تؤثر طول فترة الرضاعة وقصرها على نشأة الطفل أيضا ، على سبيل المثال تؤدي فترة الرضاعة الطويلة إلى أساليب طفلية يلجأ إليها كثير من الكبار ، إذ يتشبث هؤلاء إلى السكون أو الدعة ، أو السلوك الهروبي في حياتهم الاجتماعية وعلاقاتهم الزوجية . أما إذا فطم الطفل مبكرا أي إن فترة الرضاعة كانت قصيرة فانه ينشا خائفا مترددا ويطلب المزيد من كل شيء ويكون شرها وطماعا .
أما بخصوص فترة الرضاعة في الإسلام فقد وردت ثلاث آيات كريمة في القران الكريم تتضمن هذه الآية ما يأتي ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا … ) ( الاحقاف 46 15 ) . تحدد هذه الآية فترة الرضاعة بـ ( 21 ) شهرا يتم الحصول عليها بعد طرح فترة الحمل المحددة بتسعة شهور . هذا و من ناحية أخرى حددت آية أخرى فترة الرضاعة بسنتين كاملتين ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد إن يتم الرضاعة …) ( البقرة 2 ـ 233 ) وقد أكدت آية أخرى الآية السابقة بتحديد الفترة بسنتين كما يأتي ( …حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين … ) ( لقمان 31 ـ 14 ) .
ومن هذه الآيات الثلاث الكريمة التي وردت في القران الكريم نستطيع إن نتوصل إلى استنتاج مفاده إن فترة الرضاعة المثالية حددت بين 21 شهرا إلى سنتين كاملتين .
للأمانة منقول من شبكة الحصن النفسي